الجمعة يونيو 6, 2025
Copied

"يا رايحين للنبي الغالي".. حكاية آخر كسوة للكعبة خرجت من مصر للسعودية

رايحة أزور النبي محمد والكعبة الشريفة

لوجين سامح

من حوالي 100 سنة، وتحديدًا في حي الخرنفش بالقاهرة، كان بيقعد عثمان القصبجي، رئيس مصلحة كسوة الكعبة، قبل موسم الحج بشهور، ومعاه 10 عمال، على ترابيزة واحدة في المصلحة علشان يصنعوا الكسوة، كانوا بينقشوا ويخيطوا ويطرزوا ويجمعوا القطع ببعض.

وبعد ما تخلص كسوة الكعبة، كانت بتخرج من المصلحة وهي متشالة على هودج في منظر مهيب، وسط زغاريد الستات وفرحة الأطفال وتوزيع الحلويات، وريحة المسك اللي كانت بتبقى مالية الشارع، ودموع الفرحة والفخر، إن مصر صنعت كسوة الكعبة اللي هيطوف حواليها آلاف الحجاج! 

قابلنا أحمد شوقي عثمان القصبجي، حفيد عثمان القصبجي، وعرفنا منه عن خطوات تصنيع كسوة الكعبة، وعن آخر مرة مصر صنعت فيها الكسوة، وعن حلمه اللي نفسه يتحقق وهو إن مصر ترجع تصنع الكسوة مرة تانية حتى لو لمرة واحدة بس علشان كل العالم يشوف فننا وصنعتنا.


حكاية الأسطوات العشرة اللي صنعوا الكسوة الشريفة

أحمد شوقي، بيحكيلنا إن مصر اتولت صناعة كسوة الكعبة من سنة 1923 لحد 1926. الكسوة كانت بتتصنع على إيد 10 أفراد، من ضمنهم جده عثمان القصبجي، كانوا هما اللي بيشتغلوا عليها من السنة للسنة في مصلحة كسوة الكعبة، في حي الخرنفش بالقاهرة. "شوقي" بيقولنا إن دلوقتي الكسوة بقت تتصنع مرتين في السنة، لكن زمان ماكنش فيه إمكانيات فكانت بتتصنع مرة واحدة بس.


"مافيش أحلى من إن الواحد يشتغل في كلام ربنا"

"أنا محظوظ لأني ورثت المهنة دي من جدي، لأن مافيش أحلى من إن الواحد يشتغل في كلام ربنا، إحساس بالعظمة والفخر مش عادي، كل ما بصنع أي نموذج مُصغر من الكسوة حتى لو مش هتروح للسعودية، قيمة الصنعة دي الروحية أحلى بكتير من قيمتها المادية."
أحمد شوقي القصبجي – حفيد رئيس مصلحة الكعبة


من القماش الحرير للفضة الخام

زمان أيام شجرة الدر، كانت كسوة الكعبة بتتصنع من الحرير وماكانش بيبقى عليها أي شغل أو نقوشات، وبعدين في الفترة العثمانية أو المملوكية ابتدوا يكتبوا على الكسوة كلام، وبدأوا يستخدموا أنواع مختلفة من الخيوط، وكانت ليهم أشكالهم المعروفة اللي ماكنتش بتتغير أبدًا. "شوقي" بيحكيلنا إن صناعة كسوة الكعبة اتطورت كتير عن زمان، يعني دلوقتي الكسوة في المملكة العربية السعودية بقوا يصنعوها من الفضة الخام، عبارة عن سلوك رفيعة جدًا علشان يعرفوا يشتغلوا بيها، وبعد كده بتطلي دهب، بيبقى عليها كتابة بالأصفر والأبيض، الأصفر ده بيكون دهب، أما الأبيض بيكون فضة.


"أول حاجة اشتغلت عليها كان باب الكعبة"

"أنا طفولتي كلها كانت بتتلخص في صناعة كسوة الكعبة، لأن احنا أصلًا بيتنا في خان الخليلي ومدرستي في نفس المكان، فكنت بخلص مدرسة وأروح مع والدي المصلحة وأشوفه وهو بيصنع، ومن وقتها وأنا اتعلقت بالمهنة، وأول حاجة اشتغلت عليها كان نموذج مصغر من باب الكعبة، لأن في المملكة العربية السعودية مقاس الباب بيكون 6 متر في 3، أما هنا اشتغلنا على مقاس 2 و3 متر، وكنا بنعمله من خيوط القصب، لأن وقتها ماكنش فيه الإمكانية المادية إننا نصنعه من الفضة الخام لأنها بتكلف كتير جدًا."
أحمد شوقي القصبجي – حفيد رئيس مصلحة الكعبة


مراحل كتير لخروج الشكل النهائي للكسوة

فاكر أول مرة روحت فيها المسجد الحرام وشوفت الكعبة الشريفة وكسوتها كان إيه إحساسك وقتها؟ ناس كتير بتحكي إن شعورهم أول مرة شافوا فيها الكعبة وكسوتها كان شعور مايتوصفش! بس تعرف إن كسوة الكعبة وراها مراحل كتير جدًا علشان تطلع بالشكل النهائي اللي كلنا بنشوفه؟"شوقي" بيحكيلنا إن أول مرحلة في صناعة الكسوة هو إن الخطاط بيكتب الورقة، بعدين عملية التبخيش أو التخريم بتاع الورقة، وهما بيمشوا على الخط ويخرموه بالإبرة، علشان من خلال الخروم اللي موجودة على الحروف، كان بيمُر منها البودرة اللي هما بيطبعوا بيها على القماش، "شوقي" بيقولنا إنهم كانوا لازم يحتفظوا بالورقة اللي كتبها الخطاط، علشان يقدروا يرجعولها في أي وقت.


"جدي كان له طقوس معينة في صناعة كسوة الكعبة، كان ينزل من هنا من خان الخليلي ويتمشى لحد مصلحة كسوة الكعبة في حي الخرنفش، وكان لازم هو والعمال يغسلوا إيديهم بماية ورد قبل ما يبدأوا شغل، الناس دي كانت رايقة جدًا ماكنش فيه أي حاجة بتستعجلهم، يعني الشكة اللي ماكنتش بتعجبه كان بيفكها، وستارة كسوة الكعبة اللي متعلقة في متحف الحضارة دي شغل جدي."
أحمد شوقي القصبجي – حفيد رئيس مصلحة الكعبة


زفة لخروج كسوة الكعبة من المصلحة

بعد ما كانوا العمال يخلصوا تصنيع كسوة الكعبة، وتتجمع في شكلها النهائي، كانت بتخرج من مصلحة الكسوة في القاهرة وهي متشالة على هودج في منظر واحتفال مهيب وزفة، ناس بتوزع حلويات، وناس بتزغرد، وناس بترمي فلوس على الأطفال اللي ماشيين في الزفة، وناس بترمي ماية ماء ورد، وريحة الشوارع كلها كانت بتبقى مليانة بالمسك، والاحتفال كان بيحضره الملك وكبار رجال الدولة، وكانوا كلهم حاسين بفخر إن مصر صنعت كسوة الكعبة اللي هيطوف حواليها آلاف الحجاج.


"حلمي في صناعة كسوة الكعبة إن مصر تعملها تاني، ماعرفش هل أنا ليا الحق إني أطلب كده ولا لأ، بس أنا بتمناها يعني، علشان كل الناس والعالم يشوفوا شغلنا وفننا وصناعتنا، نفسي نرجع ننول الشرف ده تاني في مصر، حتى لو مرة واحدة، واحنا المصريين هنعملها بطريقة ماحدش تاني في العالم هيعرف ولا يقدر يعملها".
أحمد شوقي القصبجي – حفيد رئيس مصلحة الكعبة

شوفوا حوارنا الكامل معاه على قناتنا على يوتيوب.

 
الصورة المستخدمة من موقع الأناضول

×