"احنا شعب مش بيتقتل وبس".. حوار مع حنين فرحات مؤسسة "مطبخ حنين غزة"
!مش مجرد أرقام في نشرات
![](https://elfaslaonline.com/Content/Admin/Uploads/Articles/ArticlesMainPhoto/23718/95453aa0-ab04-4948-a827-b56198251a48.jpg)
وسط أصوات القصف والإبادة، وانهيار البيوت، وصراخ الأطفال، والدمار اللي بقى جزء من المشهد اليومي في غزة، كان فيه صوت واحد عمره ما سكت، وهو "الأمل" اللي عند كل فلسطيني، واللي على الرغم من كل حاجة بيحاول يلاقي طريقه وسط الركام، في ضحكة طفل، في عيد ميلاد وسط الأنقاض، في سفرة بسيطة في المُخيمات، عليها مقلوبة ومسخن معمولين بأقل الإمكانيات، لكن مليانين بحب الأرض والهوية والمقاومة.
كل فلسطيني لسه جوه غزة أو اضطر يطلع منها، دايمًا عنده نفس الحلم: إنه يرجع يشوف بلده حرة، متعمرة، وأهلها عايشين بكرامة، زي حنين فرحات، مؤسسة مطبخ "حنين غزة" لتعليم وبيع الأكل الفلسطيني في القاهرة. "حنين" نازحة من رفح، جت للقاهرة مع أهلها في شهر مارس اللي فات بعد ما قصفوا بيتهم في شمال غزة، وهي شايلة جواها حلم واحد: تحافظ على هوية بلدها من خلال الحاجة اللي بتحبها، الأكل الفلسطيني.
وبخطوات مليانة إصرار، أسست مطبخ "حنين غزة"، مش بس علشان تطبخ، لكن علشان تعلّم الناس يعني إيه المطبخ الفلسطيني، وتخليهم يحسوا بقيمته، مش كأكلات وبس، لكن كجزء من الهوية، وكطريقة من طرق كتير بيستخدمها الفلسطينيين علشان يقاوموا، ويثبتوا إنهم موجودين، وإن تراثهم عمره ما هيروح.
قابلنا حنين فرحات، مؤسسة مطبخ "حنين غزة"، وسمعنا منها عن رحلتها من غزة للقاهرة، وعن مشروعها، وعن الحلم اللي لسه جوه قلبها، مستنية اللحظة اللي يتحقق فيها.
"هدفي أعلّم الناس يطبخوا أكلاتنا التراثية المعروفة"
"أنا وأهلي نزحنا من غزة من شمال بيت لاهيا، روحنا على رفح وبعد ما قصفوا المُخيمات في رفح، قررنا نروح القاهرة علشان نستقر فيها، وفي شهر 6 اللي فات، قررنا نعمل "مطبخ حنين غزة" مشروع طلبات أونلاين لطبخ الأكلات الفلسطينية التراثية زي المقلوبة والمفتول والمسخن، وعملنا صفحة على الفيسبوك والانستجرام، وبعد ما بدأنا نتشهر بين الناس، قررت أعمل ورش طبخ لتعليم الأكل الفلسطيني، والناس حبوا الفكرة جدًا لأنهم حابين يعرفوا أكتر عن التراث الفلسطيني".
حنين فرحات – مؤسسة "مطبخ حنين غزة"
حياة مليانة بالحروب
إيه هو شكل الحياة في غزة قبل الحرب؟ لو سألت أي فلسطيني السؤال ده، هتلاقيه بيقولك إن مافيش فرق كبير في شكل الحياة قبل الحرب أو بعدها، وده لأنهم عاشوا معظم حياتهم في حروب. حنين فرحات، قالتلنا إن على مدار حياتها حضرت 7 حروب، بس 7 أكتوبر غير أي حرب، لأنها إبادة جماعية. "حنين" بتحكيلنا إنهم متحملوش يعيشوا، لأن كل سُبل الحياة الأساسية انعدمت، زي الكهربا والمياه، وكانوا مُحاصرين من كل شيء.
"الشعب الفلسطيني دايمًا راضي ودايمًا عارف يتأقلم مع أي ظروف أو أي وضع، وعلى الرغم من إن قبل حرب الإبادة الجماعية ماكانش متوفر أغلب الاحتياجات الأساسية للحياة، بس كنا راضيين، وكنا حاسين بأمان، وكل يوم جمعة كنا نروح شط غزة وننزل البحر، ونعمل أكلاتنا الفلسطينية المعروفة، وفي الأعياد تلاقي كل العيلة قاعدة تعمل الكحك، احنا شعب كان ومازال مُحب للحياة وبيحب الفرح".
حنين فرحات - مؤسسة "مطبخ حنين غزة"
مشاهد ومشاعر معلّمة في القلب
بعد الأزمات والمحن الكبيرة، هتلاقي فيه دايمًا مشاهد ومشاعر معلّمة في قلبك، ومهما السنين تعدي هتفضل دايمًا فاكرها ومش قادر تتخطاها، ما بالك بقى لو كانت الأزمة دي هي "حرب"، بتشوف أهلك وصحابك بيتم قصفهم، ووطنك بينهار وأنت واقف بتتفرج ومش قادر تعمل حاجة!
"حنين" قالتلنا إن بعد الإبادة الجماعية على غزة، فيه مشاعر هتفضل معلّمة في قلبها، ومشاهد هتفضل موجودة في ذاكرتها وعمرها ما هتنساها، زي مشهد بيتهم وهو بينهار، وأصوات القصف والطيارات اللي كانت شغالة 24 ساعة، والأحزمة النارية، وتشتتهم وفراقهم عن أهلهم وأصحابهم، "حنين" بتحكيلنا إن كل الحاجات دي بتفضل معلّمة في القلب وعمرها ما هتروح.
"ماعندناش مكان نرجع عليه بعد وقف إطلاق النار"
"بعد قرار وقف إطلاق النار أنا وأهلي فرحنا جدًا، لأن كان حلمنا إننا مانشوفش ناس بتتقتل تاني ولا أطفال بتموت ولا ستات، بس بعدين لما قعدنا فكرنا، قولنا طيب وبعد وقف إطلاق النار، هنرجع على فين؟ بيتنا كله مهدوم وواقع، وغزة كلها اتدمرت، فقررنا إننا هنفضل في القاهرة شغالين في مشروعنا "مطبخ حنين غزة" ولما البلد تتعمر أكيد هنرجع لأننا مشتاقين ليها جدًا".
حنين فرحات – مؤسسة "مطبخ حنين غزة"
الحنين للبحر وللناس والشوارع
إيه اللي بيخليك متعلّق ببلدك، شوارعها ولا ناسها ولا معالمها المميزة ولا أكلها اللي مافيش أي بلد تانية تقدر تعمله؟ الحقيقة إن أي حد ساب بلده لأي ظرف من الظروف، بتفضل كل تفصيلة من تفاصيل بلده في دماغه، وبيحِن ليها في كل وقت. "حنين" قالتلنا إنها كانت متعلقة بغزة جدًا، وماكانتش مستعدة تطلع منها، وأكتر حاجة وحشاها في غزة هو البحر، والتمشية في شوارعها، وأكلها اللي مافيش أي بلد تانية تقدر تعمله، "حنين" بتحكيلنا إن نفسها تعمل مقلوبة وتروح تتغدى بيها على البحر.
"كنا بنعمل الأكل من اللاشيء في المُخيمات"
"في غزة وقت الحرب، ماكانش متوفر عندنا خامات للطبخ، كنا بنعمل الأكل من اللاشيء في المُخيمات، يعني عملنا المقلوبة النباتية، من حبة بتنجان واحدة، وحبة بطاطس واحدة، وحبة طماطم واحدة، وبعدين كنا نرُصها فوق بعضها، والعيلة كلها تاكل من أبسط الإمكانيات".
حنين فرحات - مؤسسة "مطبخ حنين غزة"
تعريف الناس بالتراث: الهدف الأساسي لمشروع "مطبخ حنين غزة"
لو حبيت تبدأ أي مشروع، لازم يكون عندك هدف واضح وحقيقي، وهو إيه اللي عايز تحققه من المشروع ده؟ "حنين" بتقولنا إن فكرة مشروع "مطبخ حنين غزة" جتلها هي وعيلتها لما راحوا على القاهرة، وبعد شهرين بالظبط، اخوها قالها "احنا ليه مانعملش أكل فلسطيني للناس اللي حابين ياكلوه"، ومن اللحظة دي، والمشروع بدأ على أرض الواقع، وناس كتير اتفاعلوا معاه وحبوه، لأن مش كتير بنلاقي في مصر مطاعم متخصصة أو أماكن متخصصة لطبخ وتعليم الأكل الفلسطيني.
"بدأنا مشروع مطبخ حنين غزة من الصفر"
"الصعوبات اللي واجهتنا في مشروع "مطبخ حنين غزة"، هو إننا بدأناه من اللاشيء، كنا في الأول بنجمع الفلوس علشان نعرف نجيب خامات للطبخ، بعدين لما بدأنا نبيع للناس الأكل الفلسطيني ونعمل ورش لتعليم الطبخ، بدأ يبقى عندنا راس مال نقدر نجيب منه الخامات، وخطوة ورا خطوة والمشروع بدأ يكبر والناس تعرفه".
حنين فرحات - مؤسسة "مطبخ حنين غزة"
تعددت الطرق والمقاومة واحدة!
المقاومة والتعبير عن التراث ليهم طرق وأشكال كتير، سواء كان التعبير ده بالكلمات، أو بالحكي، أو بشعار معين، أو حتى أكلة، وقوات الاحتلال مهما حاولوا يسكتوا صوت الفلسطينيين، فصوت مقاومتهم وتعبيرهم عن تراثهم هيفضل أعلى من أي صوت في العالم.
"حنين" قالتلنا إن دافعها الأساسي اللي خلّاها تعمل الورش، هو إنها عايزة تعلّم كل الناس ثقافة الشعب الفلسطيني، وتراثهم، وصمودهم، وثباتهم في الأرض. "حنين" زيها زي أي فلسطيني وفلسطينية، ليهم طرق كتير في التعبير عن المقاومة، وطريقتها المفضلة للحفاظ على هوية بلدها، هو الأكل الفلسطيني بكل أنواعه، كرمز للصمود اللي عمره ما هيضيع.
"احنا شعب مش بيتقتل وبس"
"أكتر حاجة بعلّمها للناس في ورش الطبخ، إن الشعب الفلسطيني مش شعب بيتقتل وبس، احنا مش أرقام في نشرات، ولا مادة للأخبار، احنا شعب مُحب للحياة وللثقافة وللأكل، وبنحب العيلة والتجمعات، مش مجرد شعب بيُباد".
حنين فرحات - مؤسسة "مطبخ حنين غزة"
ورش طبخ من الألف للياء
الأكل الفلسطيني له مذاق ونكهة مختلفة عن أي أكل في العالم، بس عمرك فكرت إنك ممكن تطبخ وتتعلم الأكل الفلسطيني بنفسك، علشان تعمله بعد كده وقت ما تحب؟ "حنين" بتعمل ورش لطبخ وتعليم الأكل الفلسطيني من الألف للياء، بتعلّم الناس كل حاجة ليها علاقة بالمطبخ الفلسطيني، وعن الأكلات الفلسطينية المعروفة زي المقلوبة والمسخن والمفتول، "حنين" قالتلنا إن الناس بتحب الورش بتاعتها لدرجة إن البعض منهم ممكن ييجي يحضر الورشة أكتر من مرة.
"شجرة الزيتون بتعلّمنا الثبات والصمود"
"تراثنا الفلسطيني بيتجسد في حاجات كتير وأهمهم الأكل، يعني احنا عندنا زيت الزيتون والسُماق والمفتول، كلهم بيعبروا عن تاريخنا وعن هويتنا، وشجرة الزيتون بتعلّمنا الثبات والصمود في الأرض، لأنها شجرة ثابتة من آلاف السنين، وأقدم من دولة الاحتلال".
حنين فرحات - مؤسسة "مطبخ حنين غزة"
"المقلوبة": هدية الناس لـ صلاح الدين الأيوبي بعد فتحه للقدس
الأكلات الفلسطينية مش مجرد أكلات وبس بتحسسنا بالشبع، ده ليها تاريخ وقصص مشوقة، زي إن صلاح الدين الأيوبي لما فتح القدس في معركة حطين، الناس استقبلوه بالمقلوبة، بس زمان كان اسمها "البتنجانية" لأنها كانت بتتكون من بتنجان ورز، بس لما الناس عملوها وقلبوها، سألهم صلاح الدين، إيه الأكلة اللي انتم قلبتوها دي؟ ومن وقتها قالهم سمّوها "المقلوبة".
احتلال حتى آخر نفس!
قوات الاحتلال، طول الوقت بيحبوا ينسبوا أي حاجة ليهم بداية من الأرض اللي هي مش أرضهم، والتراث، لحد الأكل الفلسطيني. "حنين" بتحكيلنا إن الإسرائيليين مش بس مُحتلين أرضهم وتراثهم، دول كمان بيسرقوا منهم أكلهم، يعني دايمًا هتلاقيهم بيقولوا إنهم أول ناس عملوا المقلوبة، وأول ناس عملوا المسخن، وده لأن ماعندهمش أصل ولا تاريخ، فبتكون السرقة والاحتلال هي حلهم الوحيد.
شوفوا الحوار كامل من هنا:
- الموضوع اللي فات افتتاح معرض القاهرة الدولي لليخوت والقوارب النهارده الخميس 6 فبراير
- الموضوع اللي جاي تخصيص أرض لإقامة مستشفى ميداني بالسويس لخدمة السياحة بالعين السخنة
الأكثر متابعة هذا الشهر
-
21 يناير 2025