"البيت الصغير هو عيلة حقيقية".. حوار مع رشا مكي مؤسسة "يلا كفالة"
الأم مش هي اللي بتخلّف.. الأم هي اللي بتربي
هي الأم اللي بتخلّف ولا الأم اللي بتربي؟
أكيد سمعت المقولة الشهيرة اللي بتقول: "الأم مش هي اللي بتخلف، الأم هي اللي بتربي" لكن الحقيقة أعمق من كده. الأم اللي بتجيب طفل للدنيا من غير ما تربيه، أو تشوفه وهو بيكبر قدام عينيها وتبقى شاهدة على كل مراحله العمرية، عمرها ما هتتعلق بيه، ولا هتحس بيه لما يكون فرحان أو زعلان أو حتى متضايق، وبالتالي هتبقى أمه على الورق بس، مش في الواقع!
ابنك أو بنتك مش شرط يكونوا من نفس دمك، لكن ممكن يبقوا من نفس روحك وقلبك، وهو ده مفهوم الكفالة، اللي بتديك فرصة تكون السند والملجأ لطفل محتاج للحب والاهتمام. ولأن الوعي بالكفالة مش منتشر في مصر، فكان لازم يبقى فيه حد يوعينا بأهمية الكفالة، زي رشا مكي، أم كافلة لطفل ومؤسسة "يلا كفالة" اللي اتأسست سنة 2020. المؤسسة هدفها تخلق حياة أفضل للأيتام في مصر، من خلال رفع مستوى الوعي عن الكفالة، وتيسير إجراءات الكفالة، وتوجيه الأسر للكفالة.
ومن بعد ما شاركت "رشا" في توعية الناس أكتر عن الكفالة، قررت كمان تعمل مشروع جديد وهو مشروع "البيت الصغير" اللي بيجمع أطفال أيتام عشان يعيشوا حياة طبيعية بعيد عن فكرة دور الأيتام.
قابلنا رشا مكي، وعزة عيد الأم البديلة في مؤسسة "يلا كفالة" واللي بتشارك في مشروع "البيت الصغير" علشان نعرف أكتر عن المؤسسة، وعن "البيت الصغير" أحدث مشاريعها، وعن أحلامهم اللي نفسهم يحققوها، ورحلتهم اللي بدأت بأمل واحد، وهو إن مافيش طفل يبقى وحيد، وإن كل طفل يستحق إنه يعيش محاط بالحب والاهتمام.
"هدفي إن كل أطفال دور الرعاية تطلع كفالة"
"أنا أول ما بدأت مؤسسة "يلا كفالة" كان هدفي الأول والأخير إن كل الأطفال اللي في دور الرعاية تطلع كفالة، لأن أنا مؤمنة إن كل طفل مكانه في بيت، مكانه في أسرة يبقى له جد وعم وخال وأم وأب، لكن بعد سنتين من الشغل اكتشفت إن ماينفعش كل الأطفال اللي في دور الرعاية تطلع كفالة لأسباب مختلفة."
رشا مكي – صاحبة مؤسسة "يلا كفالة"
"البيت الصغير": بيت حقيقي بعيلة حقيقية
لو روحت زُرت أي دور رعاية، في الأغلب هتلاقي عدد أطفال كبير، من حوالي 50 لـ 200 طفل، وده بيخلي الأطفال مايخدوش حقهم في الرعاية والاهتمام، ومهمة الأمهات البديلة بتكون مقتصرة على أكل وشرب الطفل، ده غير إن ممكن جدًا مايبقوش مؤهلين تعليميًا أو فكريًا لرعاية الأطفال، وده بيخلق طول الوقت عدم تفاهم، اللي ممكن يوصل في الآخر لتعنيف الطفل وإهماله! أما مشروع البيت الصغير في مؤسسة "يلا كفالة"، فهو بيت حقيقي بعيلة حقيقية، عدد الأطفال فيه قليل، ودي ميزة كبيرة علشان يقدروا يهتموا بيهم بشكل كافي. في البيت الصغير هتلاقي عيلة كامل، هتلاقي أب وأم وخالة وأخوات وجدة، وهتلاقي اهتمام بكل الجوانب اللي تخص الأطفال، علشان يحسوا دايمًا إن عندهم عيلة حقيقية وعايشين حياة طبيعية.
6 أطفال في البيت الواحد
في مشروع البيت الصغير، المؤسسة قدرت توصل إن البيت الواحد يكون فيه 6 أطفال، تحت سن السنتين، وبيبقى معاهم أمهات بديلة، اللي المؤسسة بتكون مسئولة عنهم مسئولية كاملة. رشا مكي، قالتلنا إنها ماتقدرش تفتح باب البيت لأي حد عايز ييجي يزور الأطفال، أو يطبطب عليهم، أو يجيبلهم حلويات، لأن في البيت الصغير هما عيلة، والأطفال ليهم خصوصية، يعني ماينفعش حد يروح يخبط عليهم في أي وقت حتى من الموظفين.
معايير نجاح البيت الصغير
علشان أي مشروع في الدنيا ينجح، لازم يكون له معايير للنجاح، و"رشا" قالتلنا إن المعايير اللي كانت حريصة عليها علشان مشروع البيت الصغير ينجح ويكمل، هي التركيز مع الأمهات، إنهم يبقوا مرتاحين ومايفكروش يسيبوها أو يسيبوا الأولاد بعد سنة مثلًا، لأن أهم حاجة لكل طفل إن يكون فيه استمرارية لمصدر الدعم والاهتمام اللي اتعود إنه يلاقيه كل يوم.
"اتشتمت وقالولي حرام اللي بتعمليه"
"أنا أول ما بدأت المؤسسة واجهت هجوم من الناس مش طبيعي، شتموني وقالوا اللي بتعمليه ده حرام، بس دلوقتي أنا شايفة إن الناس عندها وعي أكتر بالكفالة، والناس مابتقولش عليها حرام، ولو حد اتكلم على صفحة المؤسسة وقال ده حرام، بلاقي مليون حد رد وبيشرحله إنها مش حرام لأن الكفالة غير التبني."
رشا مكي – صاحبة مؤسسة "يلا كفالة"
من "نفسي أبقى أم" لـ "عايزين طفل تالت ورابع"
لما مؤسسة "يلا كفالة" بدأت، كان بيجيلها طلبات كتير لكفالة الأطفال من أمهات مش متجوزة أو مابتخلفش، لكن دلوقتي بقى فيه أُسر عندهم أطفال بييجوا يكفلوا الطفل التالت والرابع، "رشا" بتحكيلنا إن بقى عندهم قائمة انتظار، يعني ممكن أسرة تقعد 10 شهور لحد ما تلاقي طفل.
"نفسي مايبقاش فيه طفل محتاجني وأنا مش قادرة اساعده"
"حلمي في مشروع البيت الصغير، إن نفسي مايبقاش فيه طفل محتاجني أو في دور الرعاية أبدًا، نفسي ماشوفش دور الرعاية دي موجودة، ولو فيه دور رعاية تبقى عبارة عن بيوت صغيرة، البيت يكون فيه 6 أطفال بس، واخدين الاهتمام اللي أي أم بيولوجية بتديه لأطفالها."
رشا مكي – صاحبة مؤسسة "يلا كفالة"
مش مجرد شغلانة
في أي دار رعاية أو مؤسسة للكفالة، بيكون فيه أمهات بديلة، وهما أمهات لكل طفل فاقد الرعاية الوالدية، وبيتولوا كل مهام الطفل، من أول ما يصحى لحد ما ينام، بس في مؤسسة "يلا كفالة" الوضع مختلف! لأن عزة عيد، الأم البديلة في البيت الصغير الخاص بالمؤسسة، قالتلنا إنها مش بتعتبر الأم البديلة شغلانة، لأنها أم فعلًا، وبتقوم بكل مهام الأم البيولوجية، من أول العناية والرعاية الشخصية، والطبية، والتعليمية، لحد الاهتمام والحب واللعب مع أطفالها.
"كان حلمي إن يبقى عندي بيت كبير اجمع فيه كل الأطفال"
"أنا الأول ماكنتش عايزة ابقى أم بديلة، بس وأنا صغيرة خالص لما كنت بخرج أنا واخواتي ووالدي، كان يقعد يجيبلنا لعب كتير أوي، وبعدين نخرج نروح جنينة، فكان بييجي أطفال بتبقى عايزة تاخد من اللعب بتاعتنا، فكنت أقول لبابا هما ليه بييجوا يطلبوا منك؟ ما يروحوا يطلبوا من باباهم، فكان يقولي علشان هما ماعندهمش أهل وقاعدين في الشارع. فكان حلم من أحلام حياتي إن يبقى عندي بيت كبير أوي، أجمع فيه كل الأطفال اللي ماعندهمش أب وأم يجيبلهم لعب، زي ما كان بابا بيجيبلي."
عزة عيد – الأم البديلة
"أحلى استقبال في الدنيا هو استقبالهم ليا في الحضانة"
"أنا أول ما برفع راسي من على المخدة في آذان الفجر، بلاقيهم باصيين ليا وبنفضل في حالة ترقب كده لحد ما انزل من على السرير، وأول ما بقوم بييجوا ورايا، أصلي الفجر وهما بيصلوا معايا، وبيركبوا فوق ضهري، ويقعدوا يشدوا المصلية وأنا بصلي، ويفضلوا يندهوا عليا "ماما ماما مش بتردي ليه"، وبعدين بيغسلوا أسنانهم، ويغيروا هدومهم، ويفطروا وينزلوا للحضانة. أول ما تيجي الساعة 3 ونص بجري علشان أروح أجيبهم من الحضانة، وبلاقي أحلى استقبال في الدنيا، اللي بيفرق جدًا معايا في يومي، وبعدين نرجع البيت يغيروا هدومهم، واسألهم اخدتوا إيه في الحضانة، وفي آخر اليوم بنرجع تاني للسرير ووقت النوم، وأنا كلي حماس ابدأ معاهم يوم جديد."
عزة عيد – الأم البديلة
تحديات البيت الصغير
لما تيجي تبدأ شغل في مكان جديد، أكيد هيقابلك في الأول صعوبات وتحديات، لحد ما تتعود على النظام الجديد، بس تخيل بقى لو كان الشغل ده هو "أم بديلة" للأطفال في مؤسسة للكفالة؟ أكيد هيكون تحدي مايتوصفش صح؟ عزة عيد، الأم البديلة في مؤسسة "يلا كفالة" قالتلنا إنها أول ما بدأت شغل في البيت الصغير، كان الأطفال سنهم صغير جدًا، وهي طول عمرها كانت أم بديلة لأطفال أكبر منهم في السن، فكان فيه حاجات كتير "عزة" ماكنتش فاهماها، ومش عارفة تتعامل فيها بشكل صح، وماكنتش فاهمة أغلب تعبيراتهم. بس لأنهم كلهم في المؤسسة عيلة وبيدعموا بعض، فاتجمعوا واتناقشوا وكل واحد كان بيقول حل للمشكلة اللي بتواجهها الأمهات مع الأطفال. ده غير إن المؤسسة وفرت للأمهات البديلة دورة تدريبية، علشان يعرفوا يتعاملوا إزاي مع الأطفال، ويفهموا سلوكايتهم وشعورهم، وإيه اللي هما محتاجينه. "عزة" قالتلنا إنها بسبب الدورة التدريبية دي، قدرت إنها تعدي أي تحدي أو صعوبات بتواجهها في البيت.
يعني إيه هتباتي بره البيت؟
أي شغل في الدنيا له ظروفه، وله طبيعته ونظامه، وحتى عدد ساعات عمله، بس فيه شغل بيبقى مش محكوم بعدد ساعات معينة زي "الأم البديلة"، وده لأنها بتقوم بكل المهام زي الأم البيولوجية بالظبط، كل الأيام هي "أم" بتشوف احتياجات أطفالها، بتراعيهم، وبتهتم بيهم. "عزة" بتحكيلنا إن أهلها في البداية ماكنوش متقبلين خالص لما قالتلهم إنها هتشتغل "أم بديلة" في مؤسسة "يلا كفالة"، وقالولها "يعني إيه هتباتي برة البيت، وإزاي مش هتباتي معانا"؟، بس "عزة" كان هدفها الأهم والأساسي من الشغل، هو الثواب اللي هيجيلها من عند ربنا. أهل "عزة" قالولها إنها طول ما هي شغالة الشغل ده، مش هتتجوز ومش هيكون عندها أطفال، وإن مافيش حد هيرضى يتجوزها. "عزة" مايأستش، وفضلت متمسكة بحلمها لحد ما بقت "أم بديلة" لطفلين في مشروع البيت الصغير في مؤسسة "يلا كفالة".
"كلمة ماما بتشبع كل رغباتي"
"أكتر كلمة بتبسطني من البنات هنا أوي هي كلمة "ماما"، بتشبع كل الرغبات اللي عندي، وبعدين بقى لو عايزين مني حاجة أو عايزين يطلبوا حاجة يقولوا "عزة"، وأكتر حاجة بتبسطني هما بيعملوها لما بيقلدوني في أي حاجة أنا بعملها ببقى في قمة السعادة، يعني مثلًا وأنا بنشر الغسيل ممكن أحط حاجات كده على كتفي، فببص الاقيهم بيقلدوني هما كمان وحاطين الغسيل على كتفهم، ومثلًا ممكن أقول لواحدة من بناتي "ماتعمليش كده غلط" فأبص الاقي واحدة منهم بتقول للتانية غلط ستوب".
عزة عيد – الأم البديلة
اتربى قبل ما تربي
من زمان أوي كنا نسمع جدودنا يقولوا لأمهاتنا "اتربوا قبل ما تربوا"، لأن طول ما أنت متربي، هتعرف تجيب أطفال وتعلمهم المبادئ اللي اتعلمتها وأكيد هتزود عليها. "عزة" قالتلنا إنها اتربت قبل ما تربي علشان تعرف تربي أطفالها، واتعلمت إنها تاخد بالها من ردود أفعالها، ومن حركاتها لأنها كانت عصبية وبتعمل كل حاجة بسرعة، وده نتج عنه إن بنت من بناتها طلعتلها، وهي كمان بقت تعمل كل حاجة بسرعة، وعلشان كده بدأت تاخد بالها من نفسها ومن تصرفاتها، لأن التربية مش إنك تقول لطفلك أعمل وماتعملش، التربية إنهم يشوفوك إيه اللي أنت بتعمله ويبدأوا يطبقوه.
"زعلي بيروح مجرد ما بحضن أطفالي"
"لو رجع بيا الزمن، كنت اتمنى إني ابدأ فكرة الأم البديلة من بدري، هو شعور حقيقي مايتوصفش، أنا بتعامل مع ربنا قبل أي حاجة، والمعاملة مع أطفالي كلها حب، أنا لو تعبانة وشوفتهم كويسين قدامي وجنبي ببقى كويسة وبخف من التعب، ولو أنا زعلانة كفاية إني احضنهم بس والزعل بيروح."
عزة عيد – الأم البديلة
بنت قلبي مش بنت بطني
كام مرة سمعت أي أم وهي بتدعي لأولادها تقوم قايلة: "روح يا فلان يا ابن بطني"؟ الحقيقة إن ابنك أو بنتك مش شرط يكونوا ولاد بطنك، لكن ممكن يبقوا من نفس روحك وقلبك. "عزة" بتقول "ماتخافيش" لأي واحدة نفسها تبقى أم بديلة بس مترددة أو قلقانة، لأن ربنا ماخلاهاش تبقى بنت بطنها بس هي بنت قلبها. "عزة" كمان بتحكيلنا إن فكرة الأم البديلة هي عوض كبير من ربنا، لأنك بتشوفي بنتك بتكبر قدامك، وبتشوفي صنع إيدك، أنتي آه ماتعبتيش علشان تخلفيها، بس تعبتي في تربيتها علشان تطّلعي إنسانة صالحة وواثقة وفخورة بنفسها.
نجاح بيزيد سنة ورا سنة
سنة 2020، اتأسست مؤسسة "يلا كفالة" الخيرية الغير هادفة للربح، ومن وقت تأسيسها ولحد دلوقتي، وهدفها خلق حياة أفضل للأيتام في مصر من خلال رفع مستوى الوعي عن الكفالة، وتيسير إجراءات الكفالة، وتوجيه الأسر للكفالة. وسنة ورا سنة و"يلا كفالة" بتكبر ونجاحها بيزيد، "رشا" قالتلنا إنها بدأت المؤسسة كفكرة وتوعية بالكفالة، بس دلوقتي المؤسسة بقت 2 واحدة في مصر وواحدة في أمريكا، وفيه مشاريع وبرامج تانية كتير غير البيت الصغير المؤسسة شغالة عليها، وبيخططوا في خلال الـ 10 سنين الجايين إنهم يفتحوا 30 بيت صغير.
اتبرع لمؤسسة "يلا كفالة" إزاي؟
علشان تساعد الأطفال في مؤسسة "يلا كفالة" فيه أوجه للتبرع كتير جدًا، تقدر تدخل على اللينك ده: https://www.yallakafala.org/en/donate وتتبرع من خلاله بأي مبلغ، كمان تقدر تكلم خدمة العملاء في المؤسسة وتطلب إن مندوب يجيلك لحد البيت ياخد منك التبرعات ويديلك الوصل.
شوف الحوار كامل على قناتنا على يوتيوب من هنا:
- الموضوع اللي فات "الأعلى للآثار" بدأ مشروع ترميم معبد الرامسيوم في الأقصر
- الموضوع اللي جاي تخصيص أرض لإقامة مستشفى ميداني بالسويس لخدمة السياحة بالعين السخنة
الأكثر متابعة هذا الشهر
-
21 يناير 2025