الثلاثاء يناير 7, 2025
Copied

أصل وفصل لقب القاهرة: ليه بنقول عليها "مدينة الألف مئذنة"؟

القاهرة ونيلها وطول ليلها

لوجين سامح

هنا القاهرة، المدينة اللي مابتعرفش النوم، شوارعها دايمًا حية ومليانة ناس، هتحس فيها إنك دايمًا متونس، وطول ما أنت ماشي في شوارعها هتحس بروح التاريخ في كل ركن من أركانها، وهتلاقي نور المآذن اللي بينور السما في الليل، المآذن اللي بتعكس تاريخ طويل من العمارة الإسلامية والفن والثقافة. لكن وسط كل الزحمة دي، تفتكر ليها القاهرة اتسمّت "مدينة الألف مئذنة"؟ اللقب ده مش مجرد كلام بنردده، ده عنوان لتاريخ طويل من آلاف السنين. تعالوا نرجع بالزمن لورا شوية، ونعرف ليه بنقول على القاهرة "مدينة الألف مئذنة".


من الفسطاط.. بدأت الحكاية

الحكاية بدأت سنة 641، وتحديدًا بعد سنة واحدة بس من فتح عمرو بن العاص لـ مصر، وقتها "عمرو" قرر إن لازم يكون فيه مسجد علشان المسلمين يصلوا فيه صلاة الجمعة والصلوات الخمسة، وبالفعل اختار منطقة لإنشاء المسجد، المنطقة كانت مِلك للصحابي قيسبة بن كلثوم، عمرو بن العاص طلبها منه ووعده إنه هيعوضه، ولكن "قيسبة" اتبرع بالمنطقة، اللي موجودة في نص مدينة الفسطاط، ومن هنا بدأوا في بناء مسجد عمرو بن العاص، أول مسجد في أفريقيا اللي اتلقب "بتاج الجوامع". المسجد في البداية ماكنش له صحن أو مئذنة ولا حتى محراب، ولكن كان فيه منبر اللي بناه وقتها عمرو بن العاص.

المسجد كان بسيط في البداية، لكن مع الوقت اتطور، واتعملت أول مئذنة فيه، اللي كانت رمز للدعوة الإسلامية في مصر. المئذنة دي ماكنتش مجرد مكان للأذان، دي كانت وسيلة لتوضيح قوة الإسلام والمدينة الجديدة. ومع توسع الفسطاط وبناء مدن زي العسكر والقطائع، المآذن بقت أكتر وأكتر.



"ورق مقوى": السر ورا بناء مئذنة أحمد بن طولون

لما نيجي ندور في المراجع التاريخية، هنلاقي معظمها بيتفق إن القاهرة الكبرى قامت واتأسست واتوسعت من خلال 3 مساجد وهما: عمرو بن العاص، والأزهر الشريف، وأحمد بن طولون اللي بيعتبر نموذج فريد في العمارة الإسلامية، ومئذنته من أشهر وأغرب مآذن مساجد القاهرة، اللي صممها هو الوالي العباسي أحمد بن طولون بنفسه.

وفي سنة 868 "بن طولون" أخد مجموعة من الورق المقوى، وراح يلعب بيهم ويديرهم زي القرطاس، عمال البناء وقتها توقعوا إنه بيلعب، ولكن لما "بن طولون" لاحظ اندهاشهم، قالهم "اصنعوا المنارة بنفس الشكل"، وبالفعل المئذنة اتنفذت زي ما عملها بالورق بالظبط. ومن الوقت ده ولحد النهارده وكتير من المصريين والأجانب بيحبوا يزوروا المئذنة، لأن من خلال صعودهم لدرجات السلم الخارجي للمئذنة، بيقدروا يشوفوا مساحة كبيرة من القاهرة القديمة بمساكنها ومساجدها وآثارها.



مآذن الجامع الأزهر: تحف معمارية بتحكي تاريخ القاهرة

لو عايز تعرف تاريخ القاهرة، روح زور الجامع الأزهر، لأنه بيحتوي لوحده على 5 مآذن، كل مئذنة منهم بتحكي فترة معينة من التاريخ، ومن أشهرهم مئذنة السلطان الغوري، اللي عملها السلطان المملوكي قنصوة الغوري سنة 1510، وهي مئذنة فريدة من نوعها، لأنها بتحتوي على سلمين، لو فيه شخصين طلعوها، مش هيتقابلوا إلا في بداية ونهاية السلمين.

ومن ضمن مآذن الجامع الأزهر هي المئذنة الأقبغاوية، واللي تعتبر أقدم مآذن الجامع، اللي عملها الأمير المملوكي أقبغا عبد الواحد سنة 1339، أما المئذنة التالتة فهي مئذنة السلطان المملوكي أبو النصر قايتباي، واللي أُنشأت سنة 1461. وفي سنة 1753، الأمير العثماني عبد الرحمن كتخدا، عمل مئذنتين باب الشوربة وباب الصعايدة، وبكده يكون عدد المآذن فى الجامع الأزهر هو 5 خمس مآذن.



مئذنة الحاكم بأمر الله: مبخرة القاهرة في رمضان

من أكتر من 1000 سنة، اتبنى مسجد الحاكم بأمر الله في قلب القاهرة، اللي بيعتبر واحد من أهم وأقدم مساجد العصر الفاطمي. بمجرد ما تدخل ساحته هتحس بسحر غير عادي، خصوصًا مع طرازه المعماري الفريد وتفاصيله اللي بتحكي حكايات من التاريخ.

وزمان، في شهر رمضان، كان للمسجد طقس مميز جدًا. مئذنته كانت بتتحول لمبخرة عملاقة، بيتملي جواها البخور طول الأسبوع. البخور كانت بتدخل المئذنة، وبتتخزن جواها، لحد ما ييجي يوم الجمعة الصبح، ويفتحوا باب المئذنة، فيخرج دخان البخور علشان يعطر أجواء القاهرة كلها!



مئذنة السلطان الظاهر برقوق: أول مساجد المماليك في مصر

المآذن في عصر المماليك مش بس بيطلع منها صوت الآذان، دي كانت بتعبر عن هيبة السلطان، لأنها كانت رمز للقوة والسلطة. مئذنة مسجد السلطان الظاهر برقوق بتعتبر واحدة من أجمل وأهم مآذن العمارة المملوكية في مصر. المئذنة بتتكون من 3 مستويات، وكل مستوى له تصميم مختلف، بيعكس التنوع والإبداع اللي كان سائد وقتها.

المستوى الأول بيتميز بنقوشه الهندسية البسيطة، أما المستوى التاني فيه زخرفة وتفاصيل أكتر، وبيضم شرفات بتدي للمئذنة شكل مميز جدًا. أما المستوى التالت، بينتهي براس مخروطية كلاسيكية بتعكس طابع المماليك الفريد.



مئذنتين السلطان حسن: حصون المماليك في صراعات القلعة

لو القدماء المصريين أبهروا العالم ببناءهم للأهرامات اللي هما عجائب الدنيا السبعة، فالمماليك كمان أبهرونا بطرازهم المعماري وزخرفتهم الفريدة لمسجد ومدرسة السلطان حسن.

الحكاية بدأت سنة 1356، لما قرر السلطان حسن بن قلاوون، إنه يبني المسجد، ولكن اتقتل قبل ما يكمل بنائه. المسجد بيضم مئذنتين، اللي لعبوا دور كبير في صراعات بين المماليك وكان بيعتبروها حصن ليهم، وده بسبب موقع المسجد اللي كان قدام قلعة الجبل، ولما الصراع كان بيشتد، بعض الأمراء وغيرهم كانوا بيطلعوا فوق المئذنتين اللي مطلين على القلعة، ويحطوا مدافع هناك. المدافع دي كانت بتستخدم لضرب القذائف على القلعة نفسها.



مسجد محمد علي: مئذنتين بطول السماء

لو روحت أي مكان في القاهرة، هتقدر تشوف مئذنتين مسجد محمد علي، لأنهم أعلى مئذنتين في القاهرة اللي بيوصل ارتفاعهم لـ 84 متر. المسجد أمر بإنشائه محمد علي سنة 1848، واتعرف وقتها بـ "جامع الألبستر"، وده بسبب الألواح الرخامية اللي بتتغطى بيه جدارنه الداخلية والخارجية.



مش مجرد شكل.. الدور الكبير للمآذن

المآذن مش مجرد ديكور، زمان كانت المآذن زي أبراج المراقبة، منها كان بيترفع الآذان عشان كل الناس تسمعه، خصوصًا قبل ما يبقى فيه ساعات أو ميكروفونات. وكمان في أوقات معينة، كانت المآذن بتستخدم عشان تبعت إشارات للناس، زي بداية رمضان أو الأعياد، وكانوا بيذيعوا من خلالها الأخبار وقراءة البيانات الرسمية.



مآذن القاهرة ما بين الماضي والحاضر

لما تتمشى في القاهرة القديمة زي الحسين، والسيدة زينب، أو الجمالية، هتحس إنك في متحف مفتوح مليان مآذن مختلفة، كل واحدة ليها حكاية. زي مآذن باب زويلة اللي بتعتبر واحدة من أقدم المآذن في القاهرة، أو مئذنة جامع المؤيد شيخ اللي معمولة فوق بوابة قديمة. حتى المناطق الحديثة، هتلاقي فيها مآذن جديدة، وده بيأكد إن القاهرة دايمًا بتحتفظ بطرازها المعماري الفريد حتى مع تطور الزمن.



لقب "مدينة الألف مئذنة" مش لقب كان بيُطلق في الماضي وبس، ده لقب حاضر ومستقبل. المآذن لسة بتزين السما، ولسة قادرة تنور الليل، لسة قادرين نحس ببهجة أول ما نشوفها، وكل مئذنة بتحكي قصة عن عصر وشعب وحضارة، علشان تفضل القاهرة دايمًا مدينة ما بتنامش، ومنبع لكل الحواديت التاريخية.

×